الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{مَّنْ عَمِلَ صالحا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا}.لا يكادُ يسري عملٌ إلى غيرِ عاملِه.{ثُمَّ إلى رَبّكُمْ} مالكِ أمورِكم {تُرْجَعُونَ} فيجازيكُم على أعمالِكم خيرًا كانَ أوشرًا. اهـ.
.قال الشوكاني في الآيات السابقة: قوله: {حم}.قد تقدّم الكلام في هذه الفاتحة. وفي إعرابها. في فاتحة سورة (غافر). وما بعدها. فإن جعل اسمًا للسورة. فمحله الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف. أو مبتدأ. وإن جعل حروفًا مسرودة على نمط التعديد. فلا محلّ له. وقوله: {تَنزِيلُ الكتاب} على الوجه الأول خبر ثان. وعلى الوجه الثاني خبر المبتدأ. وعلى الوجه الثالث خبر مبتدأ محذوف. أو مبتدأ وخبره {مِنَ الله العزيز الحكيم} ثم أخبر سبحانه بما يدل على قدرته الباهرة. فقال: {إِنَّ في السموات والأرض لآيات لّلْمُؤْمِنِينَ} أي: فيها نفسها. فإنها من فنون الآيات. أو في خلقها.قال الزجاج: ويدلّ على أن المعنى في خلق السموات والأرض قوله: {وَفِى خَلْقِكُمْ} أي: في خلقكم أنفسكم على أطوار مختلفة.قال مقاتل: من تراب. ثم من نطفة إلى أن يصير إنسانًا. {وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ ءايات} أي: وفي خلق ما يبثّ من دابة. وارتفاع آيات على أنها مبتدأ مؤخر. وخبره الظرف قبله. وبالرفع قرأ الجمهور. وقرأ حمزة. والكسائي {آيات} بالنصب عطفًا على اسم إن. والخبر قوله: {وَفِى خَلْقِكُمْ} كأنه قيل: وإن في خلقكم وما يبثّ من دابة آيات. أو على أنها تأكيد لآيات الأولى.وقرأ الجمهور أيضًا {آيات لقوم يعقلون} بالرّفع. وقرأ حمزة. والكسائي بنصبها مع اتفاقهم على الجرّ في اختلاف. أما جرّ {اختلاف}. فهو على تقدير حرف الجرّ أي: في {لَهُ اختلاف اليل والنهار} آيات. فمن رفع آيات. فعلى أنها مبتدأ. وخبرها: في اختلاف. وأما النصب فهو من باب العطف على معمولي عاملين مختلفين.قال الفراء: الرفع على الاستئناف بعد إنّ. تقول العرب: إنّ لي عليك مالًا. وعلى أخيك مال. ينصبون الثاني ويرفعونه. وللنحاة في هذا الموضع كلام طويل.والبحث في مسألة العطف على معمولي عاملين مختلفين. وحجج المجوّزين له. وجوابات المانعين له مقرّر في علم النحومبسوط في مطولاته.ومعنى: {مَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ}: ما يفرقه وينشره {واختلاف اليل والنهار} تعاقبهما. أوتفاوتهما في الطو ل والقصر. وقوله: {وَمَا أَنَزَلَ الله مِنَ السماء مَّن رِزْقٍ} معطوف على اختلاف. والرزق: المطر؛ لأنه سبب لكل ما يرزق الله العباد به. وإحياء الأرض: إخراج نباتها. و{مَوْتِهَا}: خلّوها عن النبات ومعنى {وَتَصْرِيفِ الرياح}: أنها تهب تارة من جهة وتارة من أخرى. وتارة تكون حارّة وتارة تكون باردة. وتارة نافعة. وتارة ضارّة {تِلْكَ آيات الله نَتْلُوهَا عَلَيْكَ} أي: هذه الآيات المذكورة هي حجج الله وبراهينه. ومحل: {نتلوها عليك} النصب على الحال. ويجوز أن يكون في محل رفع على أنه خبر اسم الإشارة. وآيات الله بيان له. أو بدل منه. وقوله: {بالحق} حال من فاعل نتلو. أو من مفعوله أي: محقين. أو ملتبسة بالحقّ. ويجوز أن تكون الباء للسببية. فتتعلق بنفس الفعل {فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون} أي: بعد حديث الله وبعد آياته. وقيل إن المقصود: فبأي حديث بعد آيات الله. وذكر الاسم الشريف ليس إلاّ لقصد تعظيم الآيات. فيكون من باب: أعجبني زيد. وكرمه.وقيل المراد: بعد حديث الله. وهو القرآن كما في قوله: {الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الحديث} [الزمر: 23]. وهو المراد بالآيات. والعطف لمجرّد التغاير العنواني.قرأ الجمهور: {تؤمنون} بالفوقية. وقرأ حمزة. والكسائي بالتحتية.والمعنى: يؤمنون بأيّ حديث. وإنما قدّم عليه؛ لأن الاستفهام له صدر الكلام.{وَيْلٌ لّكُلّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} أي: لكل كذاب كثير الإثم مرتكب لما يوجبه. والويل: واد في جهنم.ثم وصف هذا الأفاك بصفة أخرى. فقال: {يَسْمَعُ ءايات الله تتلى عَلَيْهِ} وقيل: إن يسمع في محل نصب على الحال. وقيل: استئناف. والأول أولى. وقوله: {تتلى عَلَيْهِ} في محل نصب على الحال {ثُمَّ يُصِرُّ} على كفره. ويقيم على ما كان عليه حال كونه {مُسْتَكْبِرًا} أي: يتمادى على كفره متعظمًا في نفسه عن الأنقياد للحقّ. والإصرار مأخوذ من إصرار الحمار على العانة وهو أن ينحني عليها صارًّا أذنيه.قال مقاتل: إذا سمع من آيات القرآن شيئًا اتخذها هزوًا. وجملة: {كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا}: في محل نصب على الحال. أو مستأنفة؛ وأن هي المخففة من الثقيلة. واسمها ضمير شأن محذوف {فَبَشّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} هذا من باب التهكم أي: فبشّره على إصراره واستكباره. وعدم استماعه إلى الآيات بعذاب شديد الألم {وَإِذَا عَلِمَ مِنْ ءاياتنا شَيْئًا} قرأ الجمهور {علم} بفتح العين. وكسر اللام مخففة على البناء للفاعل.وقرأ قتادة. ومطر الورّاق على البناء للمفعول.والمعنى: أنه إذا وصل إليه علم شيء من آيات الله {اتخذها} أي: الآيات {هُزُوًا} وقيل: الضمير في اتخذها عائد إلى {شيئًا}؛ لأنه عبارة عن الآيات. والأول أولى.والإشارة بقوله: {أولئك} إلى كلّ أفاك متصف بتلك الصفات {لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} بسبب ما فعلوا من الإصرار. والاستكبار عن سماع آيات الله. واتخاذها هزوًا. والعذاب المهين: هو المشتمل على الإذلال. والفضيحة {مّن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ} أي: من وراء ما هم فيه من التعزز بالدنيا. والتكبر عن الحقّ جهنّم؛ فإنها من قدّامهم؛ لأنهم متوجهون إليها. وعبر بالوراء عن القدّام. كقوله: {مِّن وَرَائِهِ جَهَنَّمُ} [الرعد: 16] وقول الشاعر:وقيل: جعلها باعتبار إعراضهم عنها. كأنها خلفهم {ولاَ يُغْنِى عَنْهُم مَّا كَسَبُواْ شَيْئًا} أي: لا يدفع عنهم ما كسبوا من أموالهم. وأولادهم شيئًا من عذاب الله. ولا ينفعهم بوجه من وجوه النفع {ولاَ مَا اتخذوا مِن دُونِ الله أوليَاء} معطوف على ما كسبوا أي: ولا يغني عنهم ما اتخذوا من دون الله أولياء من الأصنام. و{ما} في الموضعين إما مصدرية. أو موصولة. وزيادة لا في الجملة الثانية للتأكيد {ولهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ} في جهنم التي هي من ورائهم {هذا هُدًى} جملة مستأنفة من مبتدأ وخبر. يعني: هذا القرآن هدى للمهتدين به {والذين كَفَرُواْ بئايات رَبّهِمْ} القرآنية {لَهُمْ عَذَابٌ مّن رّجْزٍ أَلِيمٌ} الرجز: أشدّ العذاب.قرأ الجمهور: {أليم} بالجرّ صفة للرّجز.وقرأ ابن كثير. وحفص. وابن محيصن بالرفع صفة لعذاب {الله الذي سَخَّرَ لَكُمُ البحر} أي: جعله على صفة تتمكنون بها من الركوب عليه {لِتَجْرِيَ الفلك فِيهِ بِأَمْرِهِ} أي: بإذنه وإقداره لكم {ولتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ} بالتجارة تارة. والغوص للدرّ. والمعالجة للصيد وغير ذلك {ولعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} أي: لكي تشكروا النعم التي تحصل لكم بسبب هذا التسخير للبحر {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا في السموات وَمَا فِي الأرض جَمِيعًا مّنْهُ} أي: سخّر لعباده جميع ما خلقه في سماواته. وأرضه مما تتعلق به مصالحهم. وتقوم به معايشهم. ومما سخّره لهم من مخلوقات السموات: الشمس والقمر. والنجوم النيرات. والمطر والسحاب والرّياح. وانتصاب {جميعًا} على الحال من {ما في السموات وما في الأرض}. أوتأكيد له. وقوله: {منه} يجوز أن يتعلق بمحذوف هو صفة لـ: {جميعًا} أي: كائنة منه. ويجوز أن يتعلق بسخر. ويجوز أن يكون حالًا من ما في السموات. أو خبرا لمبتدأ محذوف. والمعنى: أن كل ذلك رحمة منه لعباده {إِنَّ في ذَلِكَ} المذكور من التسخير {لآيات لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} وخصّ المتفكرين؛ لأنه لا ينتفع بها إلاّ من تفكر فيها. فإنه ينتقل من التفكر إلى الاستدلال بها على التوحيد.{قُل لّلَّذِينَ ءآمنوا يَغْفِرُواْ} أي: قل لهم اغفروا يغفروا {لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ الله} وقيل: هو على حذف اللام. والتقدير: قل لهم ليغفروا.والمعنى: قل لهم يتجاوزوا عن الذين لا يرجون وقائع الله بأعدائه. أي: لا يتوقعونها. ومعنى الرجاء هنا: الخوف. وقيل: هو على معناه الحقيقي.والمعنى: لا يرجون ثوابه في الأوقات التي وقّتها الله لثواب المؤمنين. والأول أولى. والأيام يعبر بها عن الوقائع كما تقدّم في تفسير قوله: {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ الله} [إبراهيم: 5] قال مقاتل: لا يخشون مثل عذاب الله للأمم الخالية. وذلك أنهم لا يؤمنون به. فلا يخافون عقابه.وقيل المعنى: لا يأملون نصر الله لأوليائه وإيقاعه بأعدائه. وقيل: لا يخافون البعث.قيل: والآية منسوخة بآية السيف {لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} قرأ ابن عامر. وحمزة. والكسائي: {لنجزي} بالنون أي: لنجزى نحن.وقرأ باقي السبعة بالتحتية مبنيًا للفاعل.أي: ليجزي الله.وقرأ أبو جعفر. وشيبة. وعاصم بالتحتية مبنيًا للمفعول مع نصب قومًا. فقيل: النائب عن الفاعل مصدر الفعل. أي: ليجزى الجزاء قومًا. وقيل: إن النائب الجارّ والمجرور. كما في قول الشاعر: وقد أجاز ذلك الأخفش. والكوفيون. ومنعه البصريون. والجملة لتعليل الأمر بالمغفرة. والمراد بالقوم: المؤمنون. أمروا بالمغفرة ليجزيهم الله يوم القيامة بما كسبوا في الدنيا من الأعمال الحسنة التي من جملتها الصبر على أذية الكفار. والإغضاء عنهم بكظم الغيظ واحتمال المكروه.وقيل: المعنى: ليجزي الكفار بما عملوا من السيئات كأنّه قال: لا تكافئوهم أنتم لنكافئهم نحن. والأول أولى.ثم ذكر المؤمنين وأعمالهم. والمشركين وأعمالهم. فقال: {مَّنْ عَمِلَ صالحا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا} والمعنى: أن عمل كل طائفة من إحسان. أوإساءة لعامله لا يتجاوزه إلى غيره. وفيه ترغيب وتهديد {ثُمَّ إلى رَبّكُمْ تُرْجَعُونَ} فيجازي كلًا بعمله إن كان خيرًا فخير. وإن كان شرًّا فشرّ.وقد أخرج عبد الرزاق. والفريابي. وعبد بن حميد. وابن المنذر. وأبو الشيخ في العظمة من طريق عكرمة. عن ابن عباس في قوله: {جَمِيعًا مّنْهُ} قال: منه النور والشمس والقمر.وأخرج ابن جرير عنه في الآية قال: كل شيء هو من الله.وأخرج عبد الرزاق. وعبد بن حميد. وابن المنذر. والحاكم وصححه. والبيهقي في الأسماء والصفات. عن طاو وس قال: جاء رجل إلى عبد الله بن عمرو بن العاص فسأله ممّ خلق الخلق؟ قال: من الماء. والنور والظلمة. والهواء والتراب. قال: فمم خلق هؤلاء؟ قال: لا أدري.ثم أتى الرجل عبد الله بن الزبير. فسأله. فقال مثل قول عبد الله بن عمرو. فأتى ابن عباس. فسأله ممّ خلق الخلق؟ فقال: من الماء. والنور والظلمة. والريح والتراب. قال: فممّ خلق هؤلاء؟ فقرأ ابن عباس {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا في السموات وَمَا فِي الأرض جَمِيعًا مّنْهُ} فقال الرجل: ما كان ليأتي بهذا إلاّ رجل من أهل بيت النبيّ صلى الله عليه وسلم.وأخرج ابن جرير. وابن المنذر. وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {قُل لّلَّذِينَ ءآمنوا يَغْفِرُواْ} الآية قال: كان نبيّ الله صلى الله عليه وسلم يعرض عن المشركين إذا اذوه. وكانوا يستهزئون به ويكذبونه. فأمره الله أن يقاتل المشركين كافة. فكان هذا من المنسوخ. اهـ. .التفسير المأثور: قال السيوطي:{حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2)}.أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {وما أنزل الله من السماء من رزق} قال: المطر. وفي قوله: {وتصريف الرياح} إذا شاء جعلها رحمة وإذا شاء جعلها عذابًا. وفي قوله: {لكل أفاك أثيم} قال: كذاب.وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {لكل أفاك أثيم} قال: المغيرة بن مخزوم.{اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ ولتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ ولعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12)}.أخرج ابن المنذر من طريق عكرمة رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه لم يكن يفسر أربع آيات قوله: {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعًا منه} والرقيم والغسلين.وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: لم يفسر ابن عباس رضي الله عنهما هذه الآية إلا لندبة القارئ {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعًا منه}.وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعًا منه} نور الشمس والقمر.وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعًا منه} قال: كل شيء هو من الله.وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن طاوس رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فسأله: مم خلق الخلق؟ قال: من الماء والنور والظلمة والريح والتراب. قال: فمم خلق هؤلاء؟ قال: لا أدري. ثم أتى الرجل عبدالله بن الزبير رضي الله عنه فسأله فقال له مثل قول عبدالله بن عمرورضي الله عنه. فأتى ابن عباس رضي الله عنهما فسأله: مم خلق الخلق؟ قال: من الماء والنور والظلمة والريح والتراب. قال: فمم خلق هؤلاء؟ فقرأ ابن عباس رضي الله عنهما {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعًا منه} فقال الرجل: ما كان يأتي بهذا إلا رجلٌ من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.{قُلْ لِلَّذِينَ آمنوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)}.أخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {قل للذين آمنوا يغفروا} الآية قال: ما زال النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالعفو. ويحث عليه ويرغب فيه حتى أمر أن يعفوعمن لا يرجوأيام الله. وذكر أنها منسوخة نسختها الآية التي في الأنفال {فإما تثقفنهم في الحرب} [الأنفال: 57] الآية.وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {قل للذين آمنوا يغفروا} الآية قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يعرض عن المشركين إذا أذوه. وكان يستهزؤون به. ويكذبونه. فأمره الله أن يقاتل المشركين كافة. فكان هذا من المنسوخ.وأخرج أبوداود في تاريخه وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله}. قال: الذين لا يدرون أنعم الله عليهم أم لم ينعم. قال سفيان رضي الله عنه: بلغني أنها نسختها آية القتال.وأخرج ابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله} قال: هي منسوخة بقول الله {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}.وأخرج ابن عساكر عن أبي مسلم الخو لأني رضي الله عنه أنه قال لجارية له: لولا أن الله تعالى يقول: {قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله} لأوجعتك. فقالت: والله إني لممن يرجوأيامه. فما لك لا توجعني؟ فقال: إن الله تعالى يأمرني أن أغفر للذين لا يرجون أيامه. فعمّن يرجو أيامه أحرى. انطلقي فأنت حرة. اهـ.
|